رسالة إلى علماء الأمة
بخصوص حقيقة الصراع بين التيار السلفي وحركة حماس
للشيخ
أبي سعيد المهاجر .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, هازم الجبابرة المستكبرين وناصر الموحدين والمجاهدين والصلاة والسلام على إمام المرسلين وقدوة الصالحين محمد بن عبد الله النبي الأمي الأمين ، وبعد
أقول وبالله التوفيق إن الله اخذ عليكم يا أهل العلم الميثاق والعهد على بيان الحق والدين للناس ولا تكتموه لقوله تعالى : [ وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ] {آل عمران:187} .
وفي مقابل ذلك توعد من كتمه فقال جل وعلا : [ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ] {البقرة:159} .
ولأن غاية خلق الإنسان هي عبادة الله وحده وألا يشرك به شيئاً. فلا بد لنا من الانقياد لشرع الله وأوآمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , حتى لا تزل أقدامنا ولا تتيه أفهامنا , لقوله صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي ... "
ومن باب النصيحة الواجبة على كل مسلم ولكل مسلم والتي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال " الدين النصيحة, الدين النصيحة, الدين النصيحة, قلنا لمن ؟ قال :لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رأيت أن أوجه لكم يا علماءنا الكرام هذه الرسالة علها تبلغ مرادها فتقولوا كلمة الحق وحكم الشرع فيما يحدث في الأرض المباركة , بين طائفتين هناك لكل منها منهجه ورأيه وحجته.
فهذه الرسالة ليست موجهة إلى تيجان رؤوسنا من علماء الجهاد , والذين لا يتأخرون في كلمة الحق , فنحن نعرف رأيهم , ولكنها موجهة لتيجان رؤوسنا أيضاً, لأهل العلم من :
- علماء المسلمين في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم وأحفاد الصحابة
- علماء المسلمين في أرض الكنانة بمصر
- إلى شيخنا الفاضل أبي إسحاق الحويني
- إلى شيخنا الفاضل حامد العلي
- إلى شيخنا الفاضل سيد العفاني
- إلى كل عالم وطالب علم لا يخشى في الله لومة لائم .. إليهم نوجه هذه الرسالة.
فنحن بعون الله تعالى نحاول تسليط الضوء في هذه الرسالة على الصراع القائم بين التيار السلفي من جهة وحركة حماس من جهة أخرى , وأنا لا أتحدث هنا عن حكومة حماس لان هذه الحكومة لا يشك عاقل في انحرافها وارتكابها للعديد من المكفرات , وعلى رأسها ترك التحاكم إلى شريعة الله تعالى والتحاكم لقوانين الشرق والغرب , وأنا هنا لا أحاول البرهان على أن الحكم بغير ما انزل الله بصورته الحالية للحكومات والأنظمة العربية بما فيها حكومة حماس كحكومة ,واستبدال حكم الله بشرع من وضع البشر , لا أحاول البرهان على أن فعلهم هذا من قبيل الكفر الأكبر المخرج من الملة, لأن المسألة قد كفيناها وقد قتلت بحثا من أهل العلم , والمسألة أشهر من أن تعرف .
ثم قولوا لي أيها العلماء, ما دامت الإمارات في الشرع ثلاثة لا رابع لها :
- إما إمارة (حكومة) برّة وهي التي أميرها بر صالح وتحكم بشرع الله تعالى
- وإما إمارة كافرة وهي التي أميرها كافر ولا تحكم بشرع الله تعالى
- وإما إمارة فاجرة وهي التي أميرها فاجر ولكنها تحكم بشرع الله تعالى
فقولي لي بربكم هل حكومة حماس تحكم بشرع الله تعالى, وإذا كانت قطعا لا تحكم بشرع الله فمن أي الثلاثة هي ؟؟ أجيبوني
ومن هنا لابد من بحث القضية من محور آخر وهو بين تيار سلفي وحركة تتبنى مبادئ الإسلام والجهاد من جهة أخرى - حماس - ولا معنى لإسلاميتها إلا إذا انقادت للإسلام ظاهرا وباطنا , لنتعرف على الجهة الظالمة والمظلومة , والجهة المصيبة والمخطئة , والجهة الباغية والمبغي عليها .
قال تعالى [ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ] {الحجرات:9} .
إن الله تعالى أخبر في هذه الآية عن قتال يقع بين طائفتين من المسلمين,
وصف الله كل منهما بالإيمان فالقتال الذي يقع بين المسلمين له أسباب عدة منها:
أولاً: قتال عصبية وحمية وغضب, وهذا قتال حرام لا يجوز وهو القتال الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أن القاتل والمقتول فيه في النار.
ثانياً: قتال على الجاه والسلطان, وهذا كالذي قبله إن لم يكن بتأويل شرعي.
ثالثا : قتال البغاة , وهو القتال الذي أشارت إليه الآية آنفا واستنبط العلماء منه أحكامه. فما حقيقة هذا القتال وما أحكامه ؟
البغاة : هم الذين يخرجون على الإمام الشرعي بتأويل , ومن هذا التعريف هل حكومة حماس تعتبر ولي أمر شرعي ما دامت لا تحكم بشرع الله تعالى , قال النووي رحمه الله : " وإذا كفر الحاكم أو طرأ عليه الكفر انعزل " فقوله انعزل أي ولايته ساقطة وهذا بالإجماع لقوله تعالى [ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ] {النساء:141} , وأترك الإجابة لكم أيها العلماء .
وإذا كان أبناء التيار السلفي في غزة يرون عدم شرعية الإمام - حكومة حماس - بالأدلة الشرعية, فإن قلتم أنهم بغاة فلا يخلو حالهم من إحدى الحالات الآتية التي ذكرها أهل العلم في صور البغاة وهي :
أولا : إذا كان البغاة متفرقين بين المسلمين , أي غير منفردين في جهة بأحكام ولا بغيرها , وإنما يرون عدم شرعية الإمام ويستطيع الإمام أن
يلزمهم بأحكام الإسلام وأن يستوفي الحقوق الشرعية منهم , فهؤلاء ليس للإمام أن يقاتلهم لأنهم تحت قدرته , ويستطيع أن يستوفي الحقوق منهم .
ثانيا : أن يكون البغاة متفرقين ولكنهم يجاهرون ويدعون إلى خلع الإمام , ولكنهم لم يستعملوا القوة ضده , ولم ينحازوا إلى جهة ينفردون بها , ففي هذه الحالة للإمام أن يعزرهم وله أن يحبسهم , ولكن ليس له أن يقتلهم لأنهم لم ينصبوا له السلاح .
ثالثا : أن ينفرد البغاة في جهة إلا أنهم ما زالوا تحت سلطان الإمام ولم ينصبوا الحرب ولم يشهروا السلاح فهؤلاء ما على الإمام إلا أن ينصب لهم
من يجري عليهم أحكام الإسلام رضوا بذلك أم لم يرضوا ولكن ليس له أن يقاتلهم , وله أن يفرقهم بين المسلمين وأن يبحث عن طريقة يكف بها شرهم .
رابعاً: أن ينفرد البغاة في جهة ويشهروا السلاح ويدعو إلى خلع الإمام وتبديله بحاكم آخر, ففي هذه الحالة هؤلاء هم البغاة الذين يقاتلون وقد اشترط أهل العلم للبغاة شروط لكي يتسموا باسم البغاة :
1- أن يكون لهم شوكة ومنعة وقوة .
2- زاد بعضهم أن يكون لهم رأس, أي أمير.
ولكن ليس له أن يبدأ هو بقتالهم حتى يدعوهم للرجوع إلى الطاعة , لأن قتال البغاة من باب كف شرهم ولا يقصدون ابتداءً كالكفار , وإن كانت عندهم شبهة كشفها لهم , وإن حصل القتال بين البغاة وطائفة الإمام فله ضوابط ذكرها أهل العلم نذكرها :
1- لا يجهز على جريحهم وهذا رأي الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة
2- لا يتبع الفار منهم
3- لا يقتل أسيرهم
4- لا تسبى نساؤهم لأنهم مسلمون
5- لا تغنم أموالهم, لأن الشرع إنما أحل دمائهم للضرورة, أما أموالهم
فتبقى على أصل الحرمة, لهذا فأموالهم مصونة محفوظة
نعم فإن للإمام أن يأخذ أموالهم ويحفظها لأهلها إلى أن تنكسر شوكتهم وينكف شرهم ثم تعود لهم أموالهم , أما أن يأخذ أموالهم ويقسمها فهذا لا يجوز بالاتفاق .
6- لا يستعان عليهم بسلاحهم .
7- لا يقصدون بالقتل ولا تستخدم معهم القوة المفرطة التي تؤدي إلى إبادتهم.
هذه مجمل ضوابط قتالهم التي ذكرها أهل العلم.
وعلى ما تقرر أن حكومة حماس وحركتها ليسا ولي أمر شرعي لأنهم لا يحكمون شرع الله تعالى وفي هذه كفاية , ومسألة التغلب بالقوة والقهر منوطة بالسلطان الشرعي الذي يحكم بالكتاب والسنة ويتغلب على بلد بالقوة فهذا الذي له السمع والطاعة , ثم على ماذا نسمع ونطيع لهم ؟ أنسمع ونطيع للقانون الفلسطيني الوضعي ؟ هم يريدوننا أن ننزل على حكم القانون ونلتزم به ولا نخالفه وإلا فمصيرنا العقاب , ونحن نريد أن ننزل على حكم الله تعالى , فأي الحكمين أولى بالإتباع والقبول ؟ حكم الله أم حكم حماس الوضعي ؟
ثم ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الطاعة في المعروف " وعلى هذا هل طاعتهم بالنزول تحت الحكم الفلسطيني الوضعي طاعة في المعروف؟ أجيبوني
فهم إذاً لا سمع لهم ولا طاعة, ومثل هؤلاء الساسة لا نتشرف أن يكونوا ولاة أمورنا.
وإن تنازلنا قليلا عما قلناه, وافترضنا أن أبناء التيار السلفي بغاة على الإمام - حكومة حماس - فمن أي الحالات الأربع هم ؟
نقول إن أبناء التيار السلفي في غزة لم يحاربوا حكومة حماس ولا حركة حماس التي تناصرهم بالتبعية , وهم ليسوا منحازين في جهة بل متفرقين ويعيشون بين المسلمين , بل لم يدعوا لقتال حماس ولا الخروج عليها وفتاوى أئمتهم وقادتهم موجودة وأنهم لم يدعوا لهذا بالرغم أننا لا نعتقد شرعية ولاية حماس ؟
إذاً يكونوا في هذه الحالة من النوع الأول وهو أنه لا يجوز لحماس قتالهم ولا سجنهم ولا أخذ سلاحهم وأموالهم , وهذا ما لم تفعله حماس بل قاتلتهم وأخذت أموالهم وسلاحهم وتعدت على حرمات بيوتهم .
وإن قلتهم بل قد فعلتم - أي خرجتم على حكومة حماس بالسلاح إشارة إلى حادثة مسجد شيخ الإسلام وإعلان الشيخ أبو النور للإمارة - فإنكم من النوع الرابع الذي يجوز لحماس قتاله.
قلنا لكم: وهل فعل الشيخ ومطالبته بتحكيم شرع الله في غزة وإعلانه لمبادرة من هذه القبيل يعد خروج على الإمام ؟!
فإن قلتم نعم هذا خروج, قلنا لكم وأين ضوابط حماس في قتال الشيخ وطائفته ؟ فكما قال العلماء أنه إذا كان لهم - أي للبغاة - مطلب شرعي وجب تنفيذه, ومطلب الشيخ وطائفته شرعي وهو رأس الدين وغاية الجهاد, فهل لبّت حماس مطلبه قبل قتاله ؟ ثم هل جلست معه وحاورته وكشفت شبهاته إن وجدت ؟
ثم هل الشيخ نصب لحماس العداء والقتال وبدأ بقتالهم ؟
وهل حماس أرادت استيفاء حق شرعي من الشيخ وطائفته وامتنعوا فقاتلوهم ؟ وهذا لم يحصل , ثم إن حصل أن الشيخ نصب لهم العداء, هل بدأهم بقتال ؟ أم هم من هاجم مسجد شيخ الإسلام ؟.
ثم لو سلمنا أن الشيخ وطائفته من بدأ بالقتال , لماذا استخدام هذه القوة المفرطة التي لولا الله تعالى لأدت إلى قتل جميع الإخوة الموجودين في المسجد ,واستخدامهم لهذه القوة أثبت الواقع والصور وجودها واستخدامها .
ثم بعد انكسار شوكة الطائفة في المسجد وتسليم الإخوة لأنفسهم ومعظهم مصابون , لماذا يؤخذون إلى الأسر؟ ليمضي بعضهم مدة تزيد على ستة شهور يلقون فيها أصناف العذاب,وتوجه لهم تهمة الإرهاب الدولي ,أأصبح المجاهدون إرهابيون في نظر حماس؟!
ولماذا تشن حملة اعتقالات واسعة بعد انتهاء القتال في المسجد على أبناء التيار السلفي ممن لم يكن له مشاركة في الأحداث ولم يكن من طائفة وجماعة الشيخ , حتى والله أن شيخاً يتجاوز الخمسين من عمره وقد اقتيد إلى سجنه , فقلنا يا شيخ ما تهمتك فقال كنت جاراً لأحد المشايخ وأذهب معه للصلاة ,لهذا اعتقلوني .
ولماذا يجهز على بعض الجرحى ؟ ويتم إنزالهم من سيارات الإسعاف وهذا ثابت معلوم مسجل وموجود على الشبكة العنكبوتية بأصواتهم .
ولماذا يصادر سلاح الجهاد الموجود مع الإخوة ؟ وتؤخذ أموالهم وسلاحهم من بيوتهم بعد الحادثة ؟ أهذه أموال كفار لكي يغنموها ؟! أم هم مسلمون على فرض أنهم بغاة ؟.
ثم بعد انتهاء القتال في المسجد ما الدافع وراء نسف منزل الشيخ عبد اللطيف موسى -تقبله الله - فوق رأسه ورأس إخوانه المسلمين ؟
أم أن هذه أوامر مسبقة وجاءت حكومة حماس لكي تنفذها بدون ضابط شرعي ولا ضمير إنساني ؟
هذه أسئلة نرجو من علمائنا الكرام الإجابة عليها ...
ثم نتحدث عن مسألة بعد وقوع القتال , ونقدم لها بقول الله تعالى في الآية التي ذكرنها آنفا : قال تعالى [ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ] {الحجرات:9} .
قال أهل العلم أن هذه الآية ذكرت قتالين , قتال قبل الصلح وهو إخبار وقتال بعد الصلح وهو أمر , فإذا وقع قتال بين طائفتين من المسلمين سوى طائفة الإمام قبل الصلح , سواءً وقع بتأويل أو على مناصب الدنيا فهذا قتال فتنة لا يجوز للمسلم أن يشارك فيه , لأن الأمر الأول الذي أمرنا به عند النزاع بين طوائف المسلمين هو الصلح , لذلك فإن رأينا أن طائفة تتأهب وتستعد للقتال والأخرى كذلك , فعلينا كمسلمين عند إذِ وجوباَ كفائياً أن نسعى للصلح بين الطائفتين , فإذا حاولنا الصلح وعجزنا وبان وظهر لنا الطائفة الظالمة والطائفة المظلومة , بعد ذلك يشرع لنا القتال مع الطائفة المظلومة لقوله صلى الله عليه وسلم " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ..." الحديث.
ومن هنا نقول أنه وبعد انتهاء حادثة مسجد شيخ الإسلام وقتل من قتل ونجا من نجا ما زالت حركة حماس وبكل أجهزتها مستمرة في حربها ضد أبناء التيار السلفي في غزة , بدءاً بالملاحقات والاعتقالات والضرب والتعذيب والمطاردة ومصادرة سلاح المجاهدين بحجة أنه سلاح لجماعات إرهابية , ومنعهم لكل من يطلق الصواريخ على اليهود بل وحبسه ومصادرة سلاحه , واستحلال أموالنا ومداهمة بيوتنا ومراقبة كافة أبناء التيار والتجسس عليهم مما يضر بأمنهم , ويعرضهم لغدرات اليهود , وليس انتهاءاً بمنع مشايخ التيار السلفي من إلقاء الخطب والمحاضرات في المساجد وإغلاق بعض الجمعيات الإسلامية... الخ
وبعد كل هذا نقول لكم يا علماء الأمة: من الطائفة الظالمة ومن المظلومة ومن الطائفة المعتدية ومن المعتدى عليها, ومن هم المستضعفون ؟
ثم لماذا تسمح حركة حماس وحكومتها للوطنيين والشيوعيين والعلمانيين من حمل السلاح وتخزينه , بل والخروج به في استعراضات عسكرية يجوبون شوارع قطاع غزة مع أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالجهاد ولا المقاومة !, بينما لا يسمح للسلفيين من حمل السلاح بل وحتى بوجوده في بيوتهم ويتم مصادرته مع العلم أن معظمهم بحاجة ماسة له لأننا في أرض محتلة ومنا من هو مطلوب لليهود وعملائهم, ألا يحق لنا حماية أنفسنا ؟ أجيبونـا
وإن كان الجواب في السماح لهؤلاء ورفضهم لهؤلاء هو فقط الأخوة الوطنية والمبادئ المشتركة التي أصبحت حماس تتقاسمها مع هؤلاء الوطنيين والعلمانيين, بينما لا ترى أن للسلفيين الحق بالتدخل في شؤون فلسطين.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
لذلك واجب عليكم الإصلاح بين الطائفتين بالوقوف إلى جانب المظلوم وكف ظلم الظالم قال تعالى [ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ] {النساء:114} .
إذاً فالإصلاح بين الناس من أعظم الأمور وأشرفها وهو واجب عليكم , كما أن إفساد ذات البين من أعظم المهالك كما قال صلى الله عليه وسلم " إياكم وإفساد ذات البين فإنها الحالقة , لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين " .
وإذا ثبت أن حماس هي الظالمة والمعتدية فموقفكم يجب توضيحه للناس ولا تكتموه.
ورسالة إلى عوام المسلمين :
إذا بان لكم من هي الطائفة المظلومة فواجب عليكم أن تقفوا إلى جانبها وأن تناصروها وتقولوا كلمة الحق فيها , وفي المقابل إذا ظهر لكم الطائفة
الظالمة المعتدية وجب عليكم الأخذ على يدها حتى ينكشف شرها ولا يجوز لكم مدها بالمال والسلاح الذي يكون سببا في إراقة دماء المسلمين المستضعفين .
ومن هنا فالأدلة تثبت صيال حماس على النفوس والأموال دون مستند شرعي أو منطلق عقلي سوى أننا سلفيون نخالفهم آراءهم ومنهجهم , فالواجب عليكم أيها المسلمون عدم نصرتهم على ظلمهم ومدهم في غيهم , بل يجل الأخذ على يدها لقوله تعالى : [ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ] {الحجرات:9} .
فإن رجعت حماس إلى أمر الله تعالى وطبقت الشريعة فنحن معها ومنها وسنعمل خدما خدّامين لها, كما قال الشيخ أبو النور المقدسي - رحمه الله.
ثم ألم يقرر علماء الإسلام ابتداءاً وجوب قتال الطوائف الممتنعة ولو عن شعيرة واحدة من شعائر الدين الظاهرة كالأذان مثلاً كما قال شيخ الإسلام رحمه الله : " كل طائفة امتنعت عن أداء شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة وجب قتالها " .
فما بالنا بتحكيم الشريعة !, وها أنتم علمتم أن حماس امتنعت عن تحكيم شرع الله بقوة السلاح , بل وقتلت من دعا إلى ذلك , وفي المقابل هي تلزم الناس بالقوة للتحاكم والخضوع للقانون الفلسطيني الوضعي , ومن هذا الباب ألا يكون قتال حماس له وجه شرعي صحيح ؟
وألم تقرر الشريعة وجوب ابتداءهم - كطوائف ممتنعة - بالقتال ؟ لكننا السلفيون في غزة لم نفت يوماً ببدء حماس بالقتال إلا كدفع صائل , حقنا منا لدماء المسلمين وتغليباً للمصلحة الشرعية ومصلحة الدعوة وانشغالنا بقتال اليهود , ألا يكون هذا سعيا جادا منا لغلق باب فتنة قد يكسر؟ قطعا هذا ما كان وفتاوى أئمتنا وعلماء الجهاد في هذا الشأن معروفة وكلهم يقولون بعدم الصدام مع حماس , وبعد كل هذا نتهم أننا من نعتدي عليهم !!
ولو كنا نريد قتالهم لماذا لم تطلق رصاصة واحدة عليهم بعد حادثة مسجد شيخ الإسلام ؟ وبعد خروج الإخوة من السجن كرد فعل على جريمتهم ؟ أما دعوى ضعفنا وخوفنا منهم فهذا كذب صراح , فالجميع يعرف بأسنا في قتال يهود وأذنابهم من السلطة البائدة .
يا علماء الأمة :
أموال المسلمين اليوم تستخدم لخدمة مشروع ديمقراطي ولصالح حكومة لا تحكم بشرع الله تعالى , تستخدم أموالكم اليوم لحماية أمن اليهود على حدود غزة , تستخدم أموالكم لانتهاك الأعراض والحرمات , تستخدم لقتل المسلمين كما حصل في مسجد شيخ الإسلام , تستخدم للتجسس على المسلمين .
هذا ليس افتراءا ولا ضربا من الخيال ولكنه الواقع والصورة خير برهان , فالحري بكم أن تدعموا إخوانكم المسلمين من أبناء هذا التيار السلفي المبارك , الذي أثبتت التجربة أن لا يبيع بندقيته ولا يساوم عليها في المحافل الدولية .
فهذا نداء لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
مسك الختام :
نقترح عليكم أيها السادة العلماء الفقهاء أن تشكلوا لجنة من أهل العلم والخبرة ومن جميع البلدان , وأن تأتي إلى هنا إلى أرض غزة لكي تقف على الحقيقة بنفسها وتشاهد المأساة وأن تقول للظالم كفاك ظلماً , وتصدر بيانا للأمة توضح فيها الحقائق ونحن مستعدون لأي حق يطلب منا امتثالا لأمر الله تعالى [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ] {الأحزاب:36} .
ونرجو منكم يا علمائنا الكرام أن تسامحونا على قلة بضاعتنا , فوالله لولا الظلم الذي نشعر به , وغيابكم عن النوازل التي تعصف بنا ما ركبنا الصعب والذلول في هكذا نازلة , ولكن كلنا أمل أن نسمع منكم كلمة الحق , هذا وما كان من صواب فمن الله وحده ومن كان من خطأ فمني ومن الشيطان.
اللَّهم انصر عبادك المجاهدين وارحم ضعفاء المسلمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الفقير إلى مولاه
أبو سعيد المهاجر .
ولا تنسونا من صالح الدُعاء