كثيراً ما
يجدُ الأبُ نَفْسهُ مذهولاً أمامَ موقفٍ ما صدرَ منْ إبنه ،
فَها هوَ الإبنُ الذي رباهُ صَغيراً على حبِّ الخيرِ ،
وإقامة الصَّلاةِ .. يتَغَيِرُ حالهُ في الكبَر ..
فَلا يجدُ الأبُ الحائرُ بداً منْ أنْ يلومَ أصدقَاءَ
السُّوءِ والمُجتمع ..
والحقُ يُقال أنّ الأسبابَ المتضافرَةَ كثيرةٌ لإنحرافِ
الأبناء .. ولكنَّ أهمَّها ، وأشدَّها تَأثِيْراً ،
سببٌ يَغفَلُ عنْهُ أكثرُنا ، ولكننَا رغمَ ذلك - وبِفَضْلٍ
من اللهِ وحْدَه -
نَجدُ من المسلمِينَ من يحرِِصُ على معالجةِ هذا السببِ منذُ
الصغَرِ فِي نفوسِ أطفالِه ..
فَكثيرونَ يتمنونَ لو كبرَ أطْفَالهم وكبرَ معهم حبهُم
للخَيْر ، وأعمالُ البِرِّ ، والصلاةِ ،
وغيرِها فيعتَمدونَ المرورَ السريعَ دوماً على ذكرِِ مثْلِ
هذهِ الأفعالِ أمامَ صغَارِهِم ،
متَنَاسِينَ أنَّ ذكرها لا يكفي ، بل لا بد من تطْبِيقها
عملِياً ،
وتَجاوزِ التطبيقِ إلى مرحلةِ الترسيخِ بالوسائِلِ المحببةِ
إلى نَفْسِ الطّفل ،
مِما يغرِسُ في نَفْسه الوليدةُ حبها وحب ممارستها ، فنراه
يكبرُ وتَكبرُ تلكَ الأعمالُ معهُ ،
حتّى تغدو لهُ علامةً، وليومه وَسَْْماً وسمةً
فإذا ما أخطَأ ذلك الطفلُ يوماً في كبرِِه ، فإنهُ - بإذن
اللهِ - سيعودُ إلى نفسه ،
لأنَّ مَادَّةَ الخَيْرِ مَزْرُوعَةٌ في قَلْبِه ..
يقولُ العلماءُ أنَّ الطفلَ منذُ أنْ يولَدُ .. وحتّى سنِّ
السادسةَ يعِيشُُ مرحلَةَََ التربيةِ الحقيقيةَِ ،
فإنْ فَاتتكَ هذِهِ المَرحلةَِ فَقَد فَاتَتكَ التّربِيَةَُ
كُلهَا ..
فَانتهِزُوا الفرصةََ أيُّها الوَالِدَيْنِ .. واغرِسُوا
بذورَ شجرَةِ حبِّ الخَيْرِ في قلوبِ أطْفالِكُم ..
وفيما بينَ أيديكُم وسائِلُ عملِيةٌ لِغَرسِِ هذا الحُبِّ في
قلوبِ أحْبَابِنَا الصِّغار ،
لِينتقِلَ منْ مُجَرَّّدِ الذكرِ إلى المُمَارَسَةِ
الفعلِيّةِ فِي كُلّ مَرَاحِلِ حَياتِهِم ..
وَلنبدَأ أوْلاً بالصَّلاةِ للطّفْلِ صَاحِبِ السَّبْعَ
سِنِيْنَ نُحَبِّبُ إليْهِ الصَّلاةَ وأدَاؤُهَا
ولا نُجْبِرُهُم عليها حتّى يَبْلُغُوا العَشْرَ سِنِين